الصبر
صبراً على مُرِّ الزمانِ جميلا
واربطْ على جُرحِ الفؤادِ قُفُولا
كُنْ كالسَّحابةِ حينَ ينزِفُ قَطْرُها
فتظلّ في كَبدِ السماءِ دليلا
كُنْ نحلةً، كُنْ نخلةً، كُن نملةً
فالكلُّ كابدَ في الأذاةِ طويلا
كُنْ ما تشاءُ فإنّ أنفاسَ الأبيِّ
تثورُ أُسْداً في الوغى وخيولا
كلٌّ يمرُّ بهِ المصابُ ويكتوي
“بالقالَ” في أسرارهِ و “القيلا”
إصبرْ عليهمْ فالدوائرُ ساعةٌ
فيها العقاربُ لا تكفّ رحيلا
من قالَ فيكَ ومنْ تتبّعَ عثرةً
يجدِ القصاصَ مُحاسباً ووكيلا
لا تمضِ في الدنيا كأنّكَ تائهٌ
زرعوا برأسهِ جَوقةً وطُبولا
الأصلُ أنتَ وقدْ خُلِقتَ خليفةً
فاصنعْ بأخلاقِ الملوكِ جميلا
نحنُ الحروفُ ورُكْنُ كلِّ عبارةٍ
وخلافُنا في رَسمِها تشكيلا
لا تقنطَنَّ مع القضاءِ فأنتَ مَنْ
تلقاهُ صَلباً أو تَخِرَّ ذليلا
والكأسُ دَوّارٌ – لعمركَ – فلْيكُنْ
دورُ البطولةِ والثباتِ سبيلا
قَدَرٌ كأفعى ذاتِ جوفٍ واحدٍ
مِنْ أيِّ رأسيْها أتيتَ قتيلا
ماعُمرُكَ المحتومُ أطولُ بالرَّجا
لكنَّ مَنْ أبلىٰ أعزُّ رحيلا
لهُ في نُفُوسِ العالمينَ كرامةٌ
عزّتْ على الأحياءِ بعدُ وصولا
في كُلّ ضائقةٍ بذارُ سكينةٍ
تعلو غَداةً عرضَها والطولا
الليلُ إذ يمضي فصبحٌ مسفرٌ
والظلمُ يغري عتمُهُ القنديلا
الصبرُ أولُ ساعةٍ إن أقْبَلتْ
ألْقتْ إليكَ عِقالَها المجدولا
أقبِلْ فما النَّكباتُ مُكثٌ أمرُها
واحملْ يقينَكَ صارماً مصقولا
الثقلُ ما ناءَ الفؤادُ بحملهِ
والثقلُ في الكفّينِ ليسَ ثقيلا
كمْ ضاقَ في أُفقِ الفضاءِ مجنّحٌ
حتى رأى رَحبَ السماءِ سُدولا
وتطيبُ للخُلدِ الحياةُ بجحرهِ
فيه الرضى لا يقبلُ التبديلا
لو أنّ أخلاقَ الرجالِ منازلٌ
فالصبرُ حتماً في الصفوفِ الاولى
دبي – 28 أغسطس 2020
لا تعليق! كن أول واحد.