في كل يــــــــومٍ مولـــدٌ لأجـــنَّــةٍ
ألم المخاض لهم يهون ويـــوضعُ
ومكابــــدٌ حلوَ الحيــــاة ومـــرَّهـا
في زينــة الدنيــا يخوض ويُخـدَعُ
ومســــلّمٌ للــروح حيـن أوانـِــهـا
في بـــرزخ الأرواح ثـــمّ مـــودّعُ
هل يأمــــنُ العثَــرات إلا غــــافـلٌ
أو يأمـنُ السـكَراتِ غير مضيَّـــعُ
لا يسـأمُ الإنـسان من طول المُــنى
وإذا تحقّقـت المــنى لا يقنــــــــعُ
ولَكَمْ تلذّذتِ النفــــــوس بشـرّهـا
ولكم تضيق بذي الفضيلـة أضلــعُ
مرّت علي سنينُ عمـــري حلــوةً
والنفس تأتــي ما اشتهتـه وتـرتعُ
حتــــى إذا ما عــاد تذكر أنعمــــاً
“مـا أكـــثر النّعمَ التي نتمتــــعُ”
وأويتُ خالــيْ النفسِ أنشد راحــةً
فــرأيتُ في نومـي كــأني أُصـرَعُ
مـــــا حال بيني والتردّي عُصبتي
كـلا ولا ولـــــدٌ ومـالٌ يشــــــــفعُ
وتــــيقّنَت نفسي الهلاكَ تحسُّــــه
بُسِـــــــطتْ أكفٌّ للـــردى لا تُدفعُ
كالــــــطفل صرتُ إذا الحبال تلفّهُ
أنـــــى الخلاص ومن يذود ويمنعُ
فالجســـــــم من شدّ الوثاق معطلٌ
والقــــلبُ من هول المصير مفزَّعُ
والعــــينُ شاخصةٌ وتبصرُ حتفَها
فـــــــــيزيد تسليمــي بأني أُنـزَعُ
لو كــــــــان ثَمّ مخلّـصٍ لدعوتُــهُ
أو ثَمَّ إمـــــــهالٍ أقـــوم فـــــأركعُ
والجسمُ يشكو جمرةً نــــــــزَّاعةً
والعظمُ فُتِّتَ والمفاصـــــل تُقلَـــعُ
ويلي كأنـــي ما مررتُ براحـــــةٍ
وأنـــا أرى هول الزفيـر وأسمــعُ
حتى إذا غرغرتُ دقت ســـــاعتي
ومضـت لبارئها تنوح وتـــــجزعُ
أواه مطـــروحاً ذروني خـــــــائراً
لا شـــيء مني يستجيـــب ويرفـعُ
ما أثقــلَ البدنَ الطريحَ قوامَـــــــهُ
وكـــأنه جبــلٌ عظيـــمٌ خاشـــــــعُ
ورأيت أني فوق أكتاف الرجــــالِ
وجمعـُــهم يرجو الرحيم ويضرَعُ
والأهلُ من بعد المسافة عينـُــهـم
تقفـــو الجموعَ وقلبُهـــم يتقطّـــعُ
حثّ الجموعُ إلى المقابـر خطوَهم
وأنا بصمتي صارخٌ: لا تسرعوا
عودوا لعــلّ لما أصـــاب مداويـاً
عودوا لعــلي أستفيــــق وأرجـعُ
ها أنزَلوني من على أعناقهــــــمْ
نحو الثرى وفم الحقيقة يســــطعُ
هذا الذي يُشفي الوساوسَ عنوةً
لله قبــــرٌ فــــــــــــاغرٌ ومشــرّعُ
كشفوا عن الوجه المعصـفر لونه
وأشارت العبــرات أيْ أن ودّعـوا
هيا انظـــروهُ فتلك آخــرُ نظـــرةٍ
وبهـــا يُـــودّع حِبَّـه المستـــودِعُ
وأحاطــتْ الجـــدرانُ بي محزونةً
ويــلٌ لهذا الميْتِ مـــــاذا يصــنعُ؟
وإذا أتــاهُ الســائلانِ فمــــــنْ لهُ
ليجـــيبَ ما يُملى عليـــهِ ويُجمَـعُ
وإذا تلكّـــأَ ؟ ثمّ كيــف مصابُــــهُ
إذ بالســــياط وبالمرازب يقرعُ؟؟
وإذا تســــــابقت الأفاعي نحـــوَهُ
من كل صــوبٍ تســـتشيط وتلسعُ
وأنا بجــــوف القبر زادت خيبتي
أصـــــغي لما قال الجدار وأسمـعُ
يا ليتـــــــني ما ضاع مني لحظة
إلا صَغَتْ منـــــــي لربي الأضـلعُ
يا ليتني ما عصـت الإلهَ جوارحي
ويشاء لي ربي بـأخرى أرجـــــعُ
فإذاً لصنت النفس عن سوء الهوى
هيهات أن يجدي الرجا والأدمـــعُ
حتـــــــى إذا راح الجموع لحالهم
وسمعت خطـــــوات الملاك تتابعُ
وبدأت أســمع في الضلوع دبيبها
وكأنما رجعت بروحـــــي الأذرعُ
والخوف يأكلني ويغــــري زائري
ويريـــد منــي أن أفيـــــــقَ فأدفعُ
وإذا براحــــة زوجتــــي فتهزّني
ماذا دهــــــاك ألا تفيق وتسـمعُ؟؟
هذا المنبّـــهُ منــــبئٌ بــــأوانـــها
هذي صــــــلاة الفجر ماذا تصنعُ