تعلّمْ يا اِبْنَ هـذا العصرِ شُكرا
فقـدْ أُوتيـتَ مـا لمْ يُـؤتَ كسرى
لكَ الأرضـونَ ألقَــــتْ كُــلَّ كنـزٍ
فمـــا أبقــتْ لهـا ســرّاً وسـترا
نَضحْـتَ النفطَ منها فاستقامتْ
لـكَ الآلات والحـاجــاتُ يُسـرا
وتطـوي الجَــوَّ طيـراً في فضاءٍ
وكـم كـانَ التنــقّلُ قَبـــلُ مُــرّا
كأنّكَ في بساطِ الريح تمضي
تصولُ بـهِ كمنْ أوتيتَ سحرا
وتغـزو البحرَ في القيعان تجري
وتُوقعُ في وحوشِ البحر أسرا
لك الاخـبـارُ تـأتي مثلَ رعدِ
يفلّ هديره الأبواب قسرا
تُحـدّثُ مـن تشـاءُ بكلّ وقـتٍ
على الجـوّال إن أحسنتَ نقرا
وتُسـمِعُ منْ بلاد الشـام أهـلاً
ولو نـَزَلتْ بك الأقـدارُ مصرا
ومكتـبةُ العلـومِ علـى جهــازٍ
بحجـم الكفِّ لا يغـــلوك سِعرا
وأثـواباً تُبـــدّلُ دون عـَــدٍّ
وأدويـةَ أَبَتْ في العَدِّ حَصْــرا
ودارُكَ جَنـّــةٌ تَكفـــيكَ حَــرّا
تجمّعُ أهلَـها في الصــيف طُرّا
وتكفي في الشتاء البيتَ بَــرداً
بدفءٍ يَقلِبُ الجلساتِ وِثْــرا
ومُهّـدَتِ الطّـــريقُ بكلّ أرضٍ
فما تخشى بجُنح الليـلِ بَــرّا
كَسَـاها النّـورُ والواحــاتُ أمناً
وبعـضُ مطــاعمٍ وهـلُمَّ جـرّا
وتَركـبُ مركباً كالبـرق يجـري
على الطرقات لم يُخلِفْــك أمرا
وتَبلــغُ أيْنَ شـئتَ ببعـض يومٍ
لأسـفارٍ طَوَتْ بالأمــسِ شهـرا
فأينَ الشكر منكَ لكلّ فضلِ
وقد زادتكَ ذي الخيراتُ كِبرا
فعصرُكَ ذو العلومِ عراه جهلٌ
وشـرٌّ قـــدْ تأبّـطهُ وجـَـــرّا
مصانعهُ لصُـنع المـوتِ ظلماً
وَ فَاقَ بمكــرهِ الشـيطان غدرا
وسخّرَ مـالَهُ فـي البِـرِّ جهـراً
وكفُّــهُ فـي يـدِ الشـيطانَ سرّا
ومنْ يجعــلْ مِنَ الشيطانِ خِلّاً
فبئس الخلّ أن ترجوه نصرا
ألا بالشـــكرِ تكتمِــلُ العــطايـا
وتُجزىٰ في جميلِ الصُنعِ عشرا